في يوم من الأيام.. كان في فكرة غريبة جدًا في أمريكا!
حاجة مكنتش تيجي على البال ولا على الخاطر..
الناس كانوا بيلعبوا وبيجربوا بأطفالهم حرفيًا..
عن طريق البريد! متخيل!!!
دا مش هزار.. دي كانت حقيقة.. وأكتر من كده كمان..
كانت حاجة مشهورة لدرجة إن في ناس استخدموها عشان يبعتوا ولادهم من ولاية لولاية تانية علشان يزوروا أهلهم..
طبعًا الموضوع ده أثار دهشة كبيرة، وانتشر بسرعة في الصحف، وكل الناس بقت تتكلم عنه..
إزاي ممكن طفل يسافر كطرد بريدي يعني؟..
ولحد فين وصل الموضوع ده؟ وهل الموضوع ده كان ممكن يستمر؟..
دي كلها أسئلة هنعرف إجاباتها في حكايتنا النهاردة عن واحدة من أغرب الظواهر في تاريخ البريد الأمريكي!
خدمة الطرود البريدية..
في بداية يناير سنة 1913..
بدأ مركز البريد الأمريكي يقدّم خدمة الطرود البريدية.. وكان ده أول مرة الأمريكان يقدروا يبعتوا حاجات وزنها أكتر من 4 أرطال عبر البريد..وده مقابل مبلغ بسيط جدًا..
قبل ما تبدأ الخدمة دي، كان الأمريكان بيعتمدوا على الشركات الخاصة علشان ينقلوا الطرود من مكان لمكان..
ومع بداية الخدمة دي.. الأمريكان قرروا يبعثوا حاجات غريبة عبر البريد، زي البيض والدجاج و الآجر والإسمنت والحديد!..
الموضوع ما وقفش عند كده، كمان بعض الناس استغلوا الخدمة دي بطريقة غير تقليدية..
كان في ناس بيبعتوا أولادهم عن طريق البريد من منطقة للتانية عشان يزوروا قرايبهم.. بما إن مفيش قانون وقتها يمنع كده.. والموضوع ده كان بيتم بسرعة ومن غير أي مشاكل!!
الطرد الأول..
بعد كام أسبوع من بداية خدمة الطرود البريدية.. حصلت أول حادثة إرسال طفل عبر البريد في ولاية أوهايو..
كان فيه زوجين قرروا يبعثوا ابنهم اللي كان وزنه 11 رطل لبيت جدته، اللي كان على بعد ميل واحد منهم، وكانوا دفعوا 15 سنت كطوابع بريدية.. وكمان 50 دولار تأمين على الطفل..
ووفقًا لما ذكرته جريدة نيويورك تايمز في الوقت ده.. كان ساعي البريد فيرنون ليتل هو اللي تولّى المهمة الغريبة دي، وراح بالطفل لبيت جدته كأنه بيبعت طرد عادي..
بعد ما نجحت أول عملية إرسال طفل عبر البريد، واللي انتشرت أخبارها في الصحف الأميركية، قرر العديد من الأمريكان إنهم يعملوا نفس الشيء..
البريد بقى وسيلة سريعة وآمنة علشان يبعثوا أطفالهم لزيارة أقاربهم في أماكن بعيدة..
الطرد الثاني..
وبعد حادثة أوهايو، وبعد كام يوم، في ولاية بنسلفانيا حصلت ثاني عملية إرسال طفل عبر البريد، وكانت تكلفتها 45 سنت، وتكفّل بيها ساعي البريد جيمس بيرلي..
لكن أشهر حادثة من كل الحكايات دي كانت حكاية الطفلة ماي بييرستورف.. اللي بقت من أشهر قصص إرسال الأطفال عبر البريد في أمريكا..
في يوم 19 فبراير سنة 1914.. قررت عائلة من ولاية إيداهو تبعت ابنتهم ماي بييرستورف.. اللي كانت عندها ست سنين، لزيارة جدتها اللي كانت عايشة على بعد 73 ميل..
ولأن الطفلة كانت لسه صغيرة، ألصقوا طوابع بريدية على معطفها، وكان سعر الطوابع 53 سنت..
علشان يوصلوا الطفلة بسرعة، ساعي البريد قرر يستخدم القطار علشان يوصلها بأسرع وقت لبيت جدتها..
بعد ما انتشر خبر حادثة الطفلة ماي بييرستورف.. اتخذ المسؤولين عن البريد الأميركي قرار بوقف إرسال البشر عبر الطرود البريدية..
ومع ذلك.. قصة ماي ألهمت الكاتب الأميركي مايكل أو تانيل، اللي قرر يحول الحكاية دي لرواية للأطفال، وكتب عنها بأسلوب شيق..
لكن رغم القرار ده، الأمريكيين استمروا في إرسال الأطفال عبر البريد لعدة أشهر بعد كده..
وفي سنة 1915.. قررت واحدة من ولاية فلوريدا تبعت ابنتها اللي كان عمرها 6 سنين عبر البريد لزيارة والدها في ولاية فرجينيا.. الطفلة دي.. اللي كانت مسافرة 720 ميل.. دفعت 15 سنت فقط كطوابع بريدية..
الحكاية دي خلّت الطفلة تحقق رقم قياسي غير مسبوق في مسافة السفر عبر البريد بين الولايتين..
وفقًا للمصادر الأميركية.. في شهر أغسطس سنة 1915 حصلت آخر عملية إرسال للأطفال عبر البريد..
في الحكاية دي، قررت عائلة من ولاية كنتاكي تبعت الطفلة مود سميث، اللي كان عمرها 3 سنين، لزيارة والدتها المريضة اللي كانت عايشة على بعد 40 ميل..
وده كان آخر استخدام للبريد في إرسال الأطفال قبل ما يتوقف الموضوع تمامًا..
وفي النهاية.. وبعد ما شوفنا إزاي البريد كان بيبعت الأطفال زي الطرود، لازم نسأل نفسنا..
هل لو الموضوع ده اتكرر في الزمن ده.. هنتقبله بنفس الطريقة؟