العندليب الأسمر.. بين الألم والإبداع..

“ابن القدر” كما لقب نفسه.. عبد الحليم حافظ..

عاش حياة كلها صعوبات ومآسي ولكن ما غناش غير كل الأغاني اللي بتعبر عن الدفا والحب والحنين..

ودا كان بالنسبة للناس غريب جدا..

 ازاي عارف يعبر عن مشاعرهم.. رغم أنه ماشفش دا ف حياته ولا عاشه!! 

بداية الرحلة..

العندليب اتولد في يوم 21 يونيو 1929.. في قرية الحلوات في الشرقية.. 

كان الأصغر بين أربعة إخوة..

وأمه توفيت بعد ولادته بكام يوم.. 

وبعدها أبوهم كمان توفى قبل ما يكمل عامه الأول، فعاش يتيم..

عاش مع خاله الحاج متولي ولعب مع أولاد عمه..

لكن جاله مرض البلهارسيا اللي أثر على حياته بشكل كبير..

قال عن نفسه مرة إنه “ابن القدر”، لأنه عمل 61 عملية في حياته.. وكان بيستغرب ازاي قدر يخرج منهم.. 

أخوه الكبير إسماعيل كان مطرب ومدرس موسيقى..

و بعدين، حليم دخل كُتاب الشيخ أحمد، ومن أول ما بدأ المدرسة حب الموسيقى بقى واضح..

لدرجة إنه بقى رئيس فرقة الأناشيد في مدرسته، ومن ساعتها وهو عاوز يدخل عالم الغناء..

الفترة دي بدأت بعد إجازته في الإذاعة عام 1951..

لما قدم قصيدة “لقاء” من كلمات الشاعر صلاح عبد الصبور وألحان كمال الطويل..

واستمرت لحد ما بدأ تصوير أول أفلامه “لحن الوفاء” عام 1955، وكان وقتها مرض البلهارسيا مش مأثر عليه قوي..

فترة ازدهار العندليب..

في الفترة دي..

 لاحظنا إنه في عدد كبير من الأغاني فيها نبرة تفاؤل زي: “ذلك عيد الندى”، “أقبل الصباح”، “مركب الأحلام”، “في سكون الليل”، “فرحتنا يا هنانا”، “العيون بتناجيك”، “غني.. غني”، “الليل أنوار وسمر”، “نسيم الفجرية”، و”ريح دمعك”، وكمان “اصحى وقوم”، “الدنيا كلها”..

بعض الأغاني كانت تتكلم عن جمال الطبيعة، زي: “الأصيل الذهبي”، “هل الربيع؟”، و”الأصيل”..

وفي أغاني عاطفية كانت تذكر الطبيعة كجزء من عشق الإنسان لكل ما هو جميل زي “ربما”، “في سكون الليل”، “القرنفل”، “حبيبي في عينيه”، “صحبة الورد”، “ربيع شاعر”، “الجدول”، “إنتِ إلهام جديد”، “هنا روض غرامنا”، و”فات الربيع”..

لكن لما زادت أعراض مرض البلهارسيا عنده بدءاً من عام 1956، بدأنا نلاحظ إن نبرة التفاؤل اختفت تدريجياً من أغانيه، وحلت محلها نبرة الحزن..

عبد الحليم حافظ اشتغل مع الملحن العبقري محمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي..

 وكمان عنده أغاني شهيرة من ألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب زي: “أهواك”، “نبتدي منين الحكاية”، و”فاتت جنبنا”.. الثنائي حليم وبليغ قدما مع الشاعر المعروف محمد حمزة مجموعة من أجمل الأغاني العربية، منها: “زي الهوا”، “سواح”، “حاول تفتكرني”، “أي دمعة حزن لا”، و”موعود” وغيرها.

غنى كمان للشاعر الكبير نزار قباني أغنيتين مميزتين، هما “قارئة الفنجان” و”رسالة من تحت الماء”، واللي لحنهم محمد الموجي.

بعد حرب 1967..

غنى في حفلة تاريخية أمام 8 آلاف شخص في قاعة ألبرت هول في لندن لدعم المجهود الحربي لإزالة آثار العدوان..

 في الحفلة دي.. قدم أغنية “المسيح” من كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان بليغ حمدي، وكمان غنى “عدى النهار”، وهي واحدة من أشهر أغانيه..

كان عبد الحليم صديق للزعيم الحبيب بورقيبة، والحسن الثاني، والملك حسين..

كان عنده حلم إنه يقدم قصة “لا” للكاتب الكبير مصطفى أمين على شاشة السينما ورشح نجلاء فتحي لبطولتها، لكن القدر ماساعدوش..

كمان قدم 3 برامج غنائية، هي: “فتاة النيل” للشاعر أحمد مخيمر وألحان محمد الموجي وإخراج كامل يوسف، و”معروف الاسكافي” للشاعر إبراهيم رجب وألحان عبد الحليم نفسه وإخراج عثمان أباظة..

و”وفاء” للشاعر مصطفى عبد الرحمن وألحان حسين جنيد وإخراج إسماعيل عبد المجيد..

الحب الحقيقي والوحيد في حياة العندليب.. 

حب الفنان عبد الحليم حافظ الحقيقي كان مع “ديدي”.. سيدة مطلقة، وبدأت قصة حبهم على شاطئ سيدي بشر في الإسكندرية..

 لكن عبد الحليم ماتجوزهاش..

كان ناوي يطلب إيدها من جدها، لكن الجد رفض وقال إنه عايز يرجعها لزوجها..

ديدي كانت تعبانة في زواجها، وقالت إنها عايزة تفصل وتعيش مع عبد الحليم..

بعد كده.. جدها اتصل بالعندليب وقال له إن ديدي تعبت جداً وجالها مرض نادر، وبدأ سمعها ونظرها يقل..

عبد الحليم سافر لها لندن على طول..

 وهي طلبت منه إنه يتجوز في حياتها علشان تطمن عليه وتشوفه سعيد.. 

عبد الحليم طمّنها وقال لها: “إن شاء الله هتقومي وإن شاء الله هنتجوز”، لكن للأسف، توفيت بعدها.

مرض العندليب.. 

أصيب العندليب الأسمر بتليف في الكبد بسبب مرض البلهارسيا، وكان التليف ده سبب وفاته عام 1977..

 أول مرة عرف فيها العندليب بالمرض كان عام 1956.. لما كان عنده 26 سنة..

 لما حصل له أول نزيف في المعدة وهو مدعو على الإفطار عند صديقه مصطفى العريف في رمضان..

الأطباء اللي عالجوه خلال رحلته مع المرض..

 كانوا: الدكتور مصطفى قناوي، الدكتور ياسين عبد الغفار، الدكتور زكي سويدان، الدكتور هشام عيسى، الدكتور شاكر سرور، ومن إنجلترا الدكتور تانر، و الدكتورة شيلا شارلوك، و الدكتور دوجر ويليامز، ود. رونالد ماكبث، ومن فرنسا د. سارازان..

كان عنده سكرتيرة خاصة اسمها الآنسة سهير محمد علي، واشتغلت معاه من 1972 وكانت معاه في كل المستشفيات اللي قعد فيها..

المستشفيات اللي رقد فيها برة كانت: مستشفى ابن سينا في الرباط (المغرب)..

وفي إنجلترا: مستشفى سان جيمس هيرست، ولندن كلينك، فيرسنج هوم، ومستشفى كنجز كولدج (اللي شهد وفاته)، وكمان “سالبتريد” في باريس..

وفاة العندليب.. 

وفي يوم الأربعاء 30 مارس 1977 تفاجئ الجمهور بوفاة العندليب الأسمر.. 

والسبب الرئيسي لوفاته كان الدم الملوث اللي نقل له وسبب له التهاب كبدي فيروسي (فيروس سي)..

ومعاه كمان تليف في الكبد نتيجة إصابته بداء البلهارسيا من وهو صغير.. زي ما وضح الفحص في لندن..

وقتها ما كانش فيه علاج للمرض ده..

 بعض الآراء قالت إن السبب المباشر في وفاته كان خدش المنظار اللي دخل لأمعائه وسبب نزيف..

 الأطباء حاولوا يوقفوا النزيف على قد ما يقدروا بس للأسف معرفهوش وتوفي عبد الحليم في لندن عن عمر 47 سنة..

الجمهور حِزن حُزن شديد.. 

لدرجة إن بعض البنات في مصر انتحروا بعد ما سمعوا الخبر..

وتم تشييع جثمانه في جنازة كبييرة جدًا .. لم تشهد مصر مثلها غير جنازة الرئيس جمال عبد الناصر والفنانة أم كلثوم..

 عدد الحضور في الجنازة كان أكثر من 2.5 مليون شخص، وكانت انفعالات الناس صادقة جداً وقت التشييع..

في ختام رحلتنا في حياة عبد الحليم حافظ..

بنشوف إزاي الفنان ده قدر يخلد اسمه في تاريخ الموسيقى العربية بفضل موهبته المختلفة وإرادته القوية.. 

ورغم أن حياته كلها كانت مليانه مآسي.. عبد الحليم هيظل رمز للحنين والفن الحقيقي..

وهتفضل اغانيه بتعبر عن مشاعرنا للأبد..

قولنا انت اغنية بتحبها لعبد الحليم وبتعبر عنك؟؟