في يوم 16 أغسطس 1888.. اتولد توماس إدوارد لورانس في قرية ترمدوق..
اللي موجودة في مقاطعة كارنارفونشاير في ويلز..
الولادة كانت في بيت صغير اسمه جورفويسفا، والنهارده معروف باسم سنودون لودج..
والده، توماس تشابمان، كان أنجلو-إيرلندي، وترك والدته إديث بعد ما خلف ابنه الأول من سارة جونر، اللي كانت مربية لبناته..
والد ووالدة لورانس، سارة وتوماس، ماكانوش متجوزين.. لكن عاشوا مع بعض تحت اسم مستعار هو “السيد والسيدة لورانس”..
طفولة لورانس..
في الوقت ده، كانت بريطانيا الفيكتورية الإدواردية مجتمع محافظ جدًا.. وغالبية الناس كانوا مسيحيين.. فكانوا يعتبروا إن الجنس قبل الزواج أو خارج الزواج حاجة مخزية.. والأطفال اللي اتولدوا من علاقات غير شرعية كانوا يعتبروا عار وفضيحة..
لورانس كان حاسس إنه مختلف عن باقي الناس لأنه اتولد كطفل غير شرعي.. وكان خايف إنه مش هيقدر يوصل لنفس مستوى القبول الاجتماعي أو النجاح اللي حققه الآخرين، وإنه محدش من العائلات المحترمة هيقبل يتجوز منه..
في سن 15، قرر لورانس وصديقه سيريل بيسون يعملوا جولة بالدراجة في إنجلترا. راحوا مقاطعات باركشير وباكينغهامشير وأكسفوردشير، وزاروا كل كنيسة في كل قرية تقريبًا. درسوا آثارها وصنعوا نماذج من النحاس للنقوش والنصب التذكارية اللي لقوها. كانوا يراقبوا مواقع البناء في أكسفورد ويقدموا كل حاجة لقوا عليها قيمة لمتحف أشموليان. في صيف 1906 و1907، سافروا فرنسا وجمعوا صور ورسموا قلاع من العصور الوسطى.
بين 1907 و1910، التحق لورانس بكلية يسوع في أكسفورد لدراسة التاريخ.. في 1908، قام برحلة دراجة لمسافة 2200 ميل إلى البحر الأبيض المتوسط، وفي 1909، رحل لوحده لزيارة القلاع الصليبية في سوريا، مشيًا لمسافة 1000 ميل.. كان عضو نشط في هيئة تدريب ضباط الجامعة، وتخرج بمرتبة الشرف بعد ما كتب أطروحة عن تأثير الحروب الصليبية على العمارة العسكرية..
بداية لورانس مع الآثار..
في 1910.. انضم لورانس لرحلة استكشافية كعالم آثار في كركميش بسوريا.. تحت إشراف عالم الآثار ديفيد هوغارث، درس اللغة العربية واشتغل في التنقيب حتى 1914..
كانت علاقته مع الفرق الألمانية المجاورة متوترة أحيانًا، لكن تعلم من هذه التجارب كيف يقود ويحل النزاعات..
في يناير 1914.. اختار الجيش البريطاني لورانس ليعمل مسح عسكري سري في صحراء النقب، بحجة إنه تنقيب عن الآثار.. كانت المهمة مهمة استراتيجيًا لأنه بيساعد البريطانيين على تحديث خرائط المنطقة. ولما بدأت الحرب العالمية الأولى في أغسطس 1914، اتعين لورانس في وحدة المخابرات العربية بالقاهرة.
سنة 1915.. بدأت حركة قومية عربية بقيادة الشريف حسين، اللي كان عاوز يتفاوض مع البريطانيين لانتفاضة ضد العثمانيين. لورانس كان مؤيد لفكرة استقلال العرب، وعمل في المكتب العربي لإعداد الخرائط وإصدار نشرات للجنرالات.. لكن العلاقة بين الشريف حسين وبريطانيا توترت بعد ما طالب بدعم فوري لإنشاء دولة عربية..
في ربيع 1916.. أُرسل لورانس إلى بلاد ما بين النهرين للمساعدة في تخفيف حصار الكوت، لكنه فشل في مهمته. في نفس الوقت، كان في اتفاق سري بين بريطانيا وفرنسا (سايكس بيكو) يقسم سوريا، مما زاد من حدة التوتر..
سافر لورانس إلى شبه الجزيرة العربية ليتعرف على الثورة العربية المشتعلة، والتقى بالأمير فيصل، ولقي فيه القائد اللي كان بيدور عليه..
تباحث معاه في وضع الثورة.. وبدأ يشعر أن الثورة مش بس إسلامية، لكنها قومية عربية.. في يونيو 1916، بدأت الثورة العربية الكبرى، وحققت بعض النجاحات لكن واجهت تحديات من القوات العثمانية..
في أكتوبر 1916، أُرسل لورانس إلى الحجاز لمهمة جمع معلومات، وفي نوفمبر، تولى قيادة التنسيق بين القوات البريطانية وقوات الأمير فيصل..
في يونيو 1917، قام لورانس برحلة في شمال الحجاز، وقام بأعمال حربية لتقوية الانطباع بوجود ثورة..
مع مرور الوقت، أصبح لورانس شخصية محورية في التنسيق العسكري مع الأمير فيصل، وحقق نجاحات كبيرة في المعارك ضد العثمانيين..
بداية من 1918، كان لورانس هو المسؤول عن الاتصال بين القوات العربية والبريطانية، مما ساعد في تحقيق المزيد من الإنجازات للثوار..
ما بعد الحرب..
بعد الحرب.. رجع لورانس إنجلترا وهو عقيد، واشتغل في وزارة الخارجية.. حضر مؤتمر باريس للسلام مع الأمير فيصل..
في 17 مايو 1919.. قرر يسافر لمصر.. لكن الطيارة اللي ركبها تحطمت في روما، ونجا هو لكن اتصاب بكسر في الكتف وضلعين.. الملك الإيطالي زاره في المستشفى واطمأن عليه..
سنة 1918.. زار الكاتب الأمريكي لويل توماس القدس، وشاف لورانس اللي كان لابس زي عربي غريب.. توماس اتحمس لصورة لورانس وعمل أفلام وصور عنه. بعدها، عمل عرض مسرحي اسمه “مع اللنبي في فلسطين” اللي كان مليان رقص وموسيقى.. وصور الشرق الأوسط كأنه مكان غامض وحسي.. أول عرض كان في نيويورك في مارس 1919، وبعدها اتدعيت لعمله في إنجلترا بشرط إن الملك يدعوه شخصيًا.. العرض اتعمل في دار الأوبرا الملكية في 14 أغسطس 1919 وحضره كبار الشخصيات، وأعيد عرضه مئات المرات..
حادث لورانس..
في 13 مايو 1935، حصل حادث مأساوي أثر على حياة لورانس.. بعد شهرين من تركه الخدمة العسكرية، كان راكب دراجته النارية في دورست، جنب كوخه اللي اسمه “كلاودز هيل” في مدينة ويرهام.. ووقت ما كان بيسوق، انحدر الشارع وكتم رؤية لطفلين بيقودوا دراجتين.. حاول يتفاداهم، لكن فقد السيطرة على دراجته واتحدف بعيد..
وبعد ستة أيام، توفي في 19 مايو عن عمر 46 سنة.. على الطريق، اتعمل نصب تذكاري صغير يدل على مكان الحادث، وفيه إشاعات إنه الحادث كان مفتعل..
أحد الأطباء اللي وصلوا بسرعة لمكان الحادث كان اسمه هيو كيرنز، جراح أعصاب، وبدأ بعدها يدرس الحوادث اللي بتؤدي لوفاة سائقي الدراجات بسبب إصابات في الرأس..
بحثه ده أدى لتوصية بضرورة استخدام خوذات للدراجات، سواء عسكرية أو مدنية..
لورانس كان اشترى قطعة أرض من عائلته من عائلة فرامبتون في منطقة اسمها موريتون.. اللي كانت قريبة من معسكر بوفينجتون، وهو قاعدة عسكرية للجيش البريطاني.. كان يزورهم باستمرار، وكمان كان يراسل بنت من العائلة اسمها لويزا فرامبتون..
بعد وفاته.. رتبت والدته مع عائلة فرامبتون إن يتدفن في قطعة الأرض اللي بملكوها في مقبرة صغيرة تتبع كنيسة القديس نيكولاس في موريتون..
تمت جنازته بشكل مهيب وحضرها شخصيات مهمة من المجتمع.. زي ونستون شرشل وإي إم فورستر ولورد لويد ونانسي أستور والجنرال وفل، بالإضافة لبعض أصدقائه وشقيقه الأصغر أرنولد..
في النهاية، حياة لورانس العرب مليانة أسئلة ومناقشات عن تأثيره الحقيقي على المنطقة.. ورغم إنه يعتبر بطل تاريخي، لكن دوره في الثورة العربية وعلاقته بالاستعمار البريطاني يخلي الواحد يفكر في الأبعاد السلبية لإنجازاته.. وهيفضل السؤال..
هل فعلاً كان لورانس بيساعد العرب في تحقيق استقلالهم، ولا كان بيستخدمهم لمصالحه الخاصة؟؟